محمود سامي البارودي ابى الدهر سادس علمي
محمود سامي شاعر مصري من شعراء مدرسة الإحياء ولد عام ١٨٣٨م. وكان من أسرة مُوسرة لها صلة بأمور الحكم والسياسة. فنشأ طموحا يتبؤأ مناصب مهمة بعد أن التحق بالسلك العسكري.
وكان قد ثقف نفسه بالاطلاع على الترات العربي ولاسيما الأدبي. فقرا دواوين الشعراء الكبار وحفظ شعرهم وهو في مقتبل العمر. وقد أعجب بالشعراء المجيدين مثل أبى تمام والبحتري وابن المعتز والمتنبي والشريف الرضي وغيرهم.
وكان قد ألف كتابا فيه مختارات من الشعر العربي منذ عصر ماقبل الإسلام حتى العصر العباسي.
له ديوان مطبوع عنوانه (ديوان البارودي ) توفاه الله في مصر سنة ١٩٠٤م.
له قصيدة ينقد فيها الوضع السياسى ويمجد وطنه ويحث على دفع الظلم ويفخر بنفسه لترفعه عن المنافع الشخصية. بعد أن أخفقت ( ثورة عرابي) التي أيدها فسجن. ثم نفى إلى خارج وطنه في جزيرة ( سيلان) سابقا و(سيرلانكا)حالياً.
وعانى ما عانى في منفاه من غربة عن الاهل والوطن وقد فقد زوجته وابنته وهو بعيد منهما. ولكن ظل حب الوطن والحنين إليه هو الهاجس الأهم عنده. يقول في عقيدته
أبى الدهر :
أبى الدهر إلا أن يسـود وضيعُـه .
ويمـلك أعناق المطـــــالب وغـدُه.
فحتام نسري في دياجيـر محنـة .
يضيق بها عن صحبة السيف غمده ؟.
إذا المرء لم يدفع يد الجور إن سطت .
عليـه فلا يأسف إذا ضـاع مجــــده.
ومن ذل خوف الموت كانت حياته.
اضـــر عليـــه مـن حمـام يـؤده.
واقتل داء رؤيـة العيــــن ظالمـاً.
يسيء ويتـلى في المحافل حمـدُه.
علام َيعيشُ المرء في الدهر خاملا .
أيـفـرح في الدنيـا بـيـوم يعــــده؟.
يرى الضيمَ يغشــاه فيلتــذ وقعـه.
كذي جـــــرب يلتـذ بالحـك جلـده.
من العار أن يرضى الفتى بمذلة.
وفي السيفِ ما يكفـــي لأمـر يعـده.
اللغة :
الدياجي : الظلمة الشديدة.
الجور : الظلم والطغيان.
شرح قصيدة محمود سامي البارودي
التعليق النقدي :
على الرغم مما يبدوعلى القصيدة من إنها ظرفيه او مرحلية بسبب الظروف السياسية أنذاك. فإنها من الشعر الخالد لما فيها من شاعرية وفن. إذ استعمل الشاعر المجاز العقلي الذي هو اسناد الفعل أو ما فى معناه إلى غير صاحبه لعلاقة مع قرينة مانعة من ارادة الاسناد الحقيقي.
والعلاقة هنا هي علاقة زمانية فهو يسند الفعل (أبى) إلى (الدهر) وهو زمان حدوث الفعل. فالبارودي يشير هنا الى( أهل الدهر) إذ فضلوا(الدنيء - اللنيم) على السيد الشريف. ثم يتساءل الشاعر عن استمرار الظلام رافضا ما يعيشه الناس من ظلم وجور يصل إلى حد تنافر السيف وغمده. وهما متلازمان متلاصقان ولعله أشار إلى انطلاق الثورة من خلال هذه الصورة المجازية.
ولا بد للمرء من أن يتحرك لرد الظلم والا فسيكون الموت الذي سيصيبه أهون عليه من عيش الذلة والخوف والهوان. وهل هناك داء يصيب المرء أكثر قتلاً من رؤية الظالم يسود بل يكثر مدحه واطراؤه ؟.
ثم كعادة الشعراء الوطنيين يحث أبناء وطنه على أن يدفعوا الظلم والهوان عن أنفسهم وعن أوطانهم. وعلى المرء ألا يعيش خائفا يرى الظالم مرفوعا في المحافل والأندية وهو لا يستحق الذكر والثناء .
وبماذا يفرح المرء في دنياه أبيوم يعده لانه فات وانقضى ام بما أنجزه فيه من مواقف وأعمال من أجل وطنه ؟.
إن المجد والوطن يرفضان العار ويرفضان أن يتعود الانسان الضيم والقهر ويرضى بهما. فيعيش ملتذا كالذي يحك جلده وقد أصابه الجرب. إن المواطن الأبي يستقى من مجد الاباء والأجداد التضحية والتعاون والخلود.
وها هو ذا الشاعر وهو لسان حال ابناء أمته يترفع عن المطامع القريبة والمطالب الدنيوية أو الشخصية. ويطمح الى ما يعجز الطير عن بلوغه كناية عن المحال والمطمع البعيد.
كل ذلك لان نفسا أبية تملا جسد الشاعر تحاول رمي الضيم الذي أثقل ظهرها مثل حمل غير مرغوب فيه. اما قلبه فيتقد نارا إذا أذيق الاذى من ظالميه وظالمي أبناء وطنه.
وهذا لعمري منتهى الإيثار والإباء والتحدي.
وتعد قصيدة البارودي مثالا في استنهاض الهمم الإنسانية
والوطنية للوقوف بوجه الظلم والاستبداد.
أسئلة وزارية عن محمود سامي البارودي
أسئلة المناقشة :
- كيف ثقف البارودي نفسه ؟ وماذا ألف ؟
ثقف نفسه بالاطلاع على الترات العربي ولاسيما الأدبي.
ألف كتابا فيه مختارات من الشعر العربي منذ عصر ماقبل الإسلام حتى العصر العباسي.
- بمَ أعجب البارودي ؟
أعجب بالشعراء المجيدين مثل أبى تمام والبحتري وابن المعتز والمتنبي والشريف الرضي وغيرهم.
- ما الذي تجده من أفكار في قصيدة البارودي ؟
ينقد فيها الوضع السياسى ويمجد وطنه ويحث على دفع الظلم ويفخر بنفسه لترفعه عن المنافع الشخصية.
- أكمل قول البارودي :
من العار أن يرضى الفتى.... وفي السيف ما يكفـــي لأمـر يعـده.
- مثل للمعاني التالية بأبيات من النص :
أ- الشكوى من الدهر.
البيت الأول والثاني.
ب- الحث على دفع الظلم.
البيت الثالث.
ج- النفاق الاجتماعي.
واقتل داء رؤيـة العيــــن ظالمـاً.
يسيء ويتـلى في المحافل حمـدُه.
- بمَ تعلل خلود القصيدة؟ وماذا تعدها؟
وتعد قصيدة البارودي مثالا في استنهاض الهمم الإنسانية
والوطنية للوقوف بوجه الظلم والاستبداد.