محمد علي الخفاجي ثانية يجيء الحسين
محمد علي الخفاجي
أديب معروف ولد في كربلاء وتخرج في مدارسها حصل على البكالوريوس في اللغة العربية وأدابها عام ١٩٦٥م.
له مؤلفات عديدة في مجال الشعر والنثر ولا سيما في الشعر المسرحي. حازت معظمها الجوائز التقديرية المتقدمة في العراق والوطن العربي من بينها :
- وادرك شهرزاد الصباح مسرحية شعرية.
- حينما يتعب الراقصون ترقص القاعة مسرحية شعرية.
- الديك النشيط مسرح أطفال.
- ثانية يجيء الحسين مسرحية شعرية.
- أبو ذر يصعد معراج الرفض مسرحية شعرية.
- ذهب ليقود الحلم مسرحية شعرية مشتركة.
فضلاً عن دواوين شعرية منها :
- شباب وسرابم
- هراً لعينيها
- لو ينطق النابالم
- لم يأت أمس سأقابله الليلة
- يحدث بالقرب منا
تُرجم له إلى الانكليزية والفرنسية والالمانية والكردية والتركية . وظلٌ يكتب الشعر المبدع ويواصل العطاء الأدبي إلى أن توفي عام ٢٠١٢م .
مشهد من مسرحية ثانية يجيء الحسين
الزمان سنة ٦١ هجرية .
المكان : بيت متواضع يرقد فيه محمد بن الحنفية أخو الحسين مريضاً . خلفه تقع نافذة ينكسر الضوء قبل دخوله إياها . وسط ساحة الدار شجرة تبدو يابسة . في أول قاعة العرض هناك كرسي كبير يظل فارغاً طوال مدة العرض في انتظار الأتي وإلى جانبه سيف معلق الحسين جالس عند أخيه وهو يروم توديعه لغرض السفر إلى كربلاء. محمد (ينصح الحسين بعدم السفر) :
ثانية يجيء الحسين
يا بن أبي... يا مولاي
ياركن البيت الدافئ
حِينَ يَخِضُّ الْأَيْتَامُ الْبَرْدُ
يَافَرِحُ الْمَخْزُونِ وَيَازَادُ الْوَحْشَةَ
أَيْنَ تُسَافِرُ؟
وَالدُّنْيَا تَفْتَرّ عَلَى قَرْنِ خِيَانَةٍ
إِذْ يَنْزِعُ قُرْطَيْهَا الْأَقْوَى
وَلَئِنْ سَافَرْتَ
يَسْتَدْرَكُ :
مِنْ لِلْعَدْلِ إِمَامٌ غَيْرُكَ؟
الْعَالَمُ مُلْتَاثٌ بِالْأَدْرَانِ
وَالزَّمَنُ الْأَعْمَى يَخْبِطُ مُبْصِرُهُ بِعَصَاهُ
إِذْ تُضْرَبُ قَبْلَ الْعَجْزُ الْأَعْنَاقَ تَأْخُذُهُ نَوْبَةُ سُعَالٍ
الْحُسَيْنُ مُهَونًاً عَلَيْهِ : حَسْبِي ذَلِكَ يَا بْنَ أَبِي حَسْبِي ذَلِكَ
يَطْرُقُ قَلِيلًاً ثُمَّ يُوَاصِلُ :
مَاكَانُ الْكَوْنِ يُؤَاخِي طَرَفَ التَّغْيِيرِ
لَوْلَا الَا سَتَشْهَادٌ
وَلَوْلَا أَنْ يَعْتَمِدَ هَذَا الْعَالَمُ بِالدَّمِ
وَلَوْ أَنْ يَأْكُلَ جَوْعَانَ لَحْمِ ذِرَاعِهِ
وَإِمَامٌ يَسْمَعُ بِالظُّلْمِ
وَيَرْضَى أَنْ يَغْمِدَ سَيْفَهُ
يكاد البناء الفني (الحركة المسرحية وأُسلوبها ) للمشهد المسرحي هذا يعتمد المراحل التي ذكرها وأسس لها أرسطو في كتابه (فن الشعر ) من أنّها تتحدد بالمقدمة والعقدة (الذروة) ثم الحل .
والمقدمة هنا هي نقطة انطلاق الحدث وتجسد ذلك بوجود الحسين (ع) في بيت أخيه محمد والغرض التوديع قبل السفر المقرر إلى الكوفة.
وقد هيأ الشاعر مسوغات هذا الانطلاق ليجعله الواقع المعاش أنذاك متداعياء ويستحق التغيير .
فبيت محمد بن الحنفية المتواضع ونافذته التي لا تدخلها الشمس والشجرة اليابسة في ساحته إنما يرمز الى واقع مريض وما محمد بن الحنفية المريض إلا إنسان ذلك الواقع .
ومن أجل تحريك الحدث وضع الشاعرٌ قبالة هذا عناصر الصراع المُضادة عناصر التغيير المنتظرة.
وقد تمثل ذلك بالكرسي الكبير متصدراً القاعة يظل فارغاً طوال العرض المسرحي في انتظار المنقذ الذي سيملؤه.
وكذلك السيف المعلق الذي ينتظر من يَمنَشْقهُ والحسين الجالس لدى أخيه هو الفارس المؤمل لإحداث التغيير في ذلك الواقع .
وما بين القبول بالواقع ممثلً بموقف محمد بن الحنفية الداعي إلى تأخير المواجهة ولو إلى حين وسيف التغيير الواعي المبصر المُمَثل بموقف الحسين الثائر.
ينمو الحدث المسرحي وتتفاعل أحداثه ويشتد الصراع بين أطرافه داخل متن حكاني شعري أظهر مهارة الشاعر ودرايته ودُربته في تعيين مناطق النفوذ في بنائه الفني المسرحي لأنه يرى أن الشعر ليس زخرفة ولا زينة بقدر ما هو مادة بناء .
وذروة ما وصل إليه الصراع تمثل بحقيقة توجه الحسين (ع) إلى العراق وفي ذلك ما فيه من حقيقة الاستشهاد وعجز محمد بن الحنفية عن تغيير وجهة أخيه الحسين (ع).
ثم ينتقل الصراع الى الحل متمثلاً بتأمل الحسين (ع )وإصداره قراره الخيار المبدئي بقوله : (اختار الله وأختار الناس ) .
تلحظ كيف أدار الشاعر الحوار بسلاسة وتدفق في تتابع الأحداث من غير انقطاع وبلغة مسرحية سهلة واضحة أفصحت بيسر عن الفكرة.
انتقى الشاعر بعناية تعابيره التي صورت لقاء الأخوين وصدق المشاعر وتصميم البطل لإمضاء أمر الله وهذا الأمر مسوغ ليه بالرسائل الثائرة .
مم اختير المقطع المسرحي هذا
اختير هذا المقطع من مسرحية ثانية يجيء الحسين.
على ماذا اعتمد المشهد المسرحي في مسرحية ثانية يجيء الحسين
اعتمد المشهد المسرحي على المراحل التي ذكرها وأسس لها أرسطو في كتابه (فن الشعر ) من أنّها تتحدد بالمقدمة والعقدة (الذروة) ثم الحل .
ماتعد مقدمة المشهد المسرحى هذا وما الذي جسدته
والمقدمة هنا هي نقطة انطلاق الحدث وتجسد ذلك بوجود الحسين (ع) في بيت أخيه محمد والغرض التوديع قبل السفر المقرر إلى الكوفة.
من مثّل الواقع أو القبول به في هذا المشهد على وفق رأي الشاعر وبمن تمثل التغيير
الْقَبُولُ بِالْوَاقِعِ مُمَثَّلً بِمَوْقِفِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ الدَّاعِي إِلَى تَأْخِيرِ الْمُوَاجَهَةِ وَلَوْ إِلَى حِينِ وَسَيْفِ التَّغْيِيرِ الْوَاعِي الْمُبْصِرِ الْمُمَثَّلِ بِمَوْقِفِ الْحُسَيْنِ الثَّائِرِ.
ا ذروة ما وصل إليه الصراع في هذا المشهد المسرحي
وَذُرْوَةُ مَا وَصَلَ إِلَيْهِ الصِّرَاعُ تَمَثَّلَ بِحَقِيقَةِ تَوَجُّهِ الْحُسَيْنِ (ع) إِلَى الْعِرَاقِ وَفِي ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنْ حَقِيقَةِ الِاسْتِشْهَادِ وَعَجْزِ مُحَمَّدِ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ تَغْيِيرِ وُجْهَةِ أَخِيهِ الْحُسَيْنِ (ع).